للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقوي الرغبة في ثوابه إن ضعف عن الرغبة في قربه والدنو منه وذوق حلاوة معرفته ومحبته.

فالزاهد أروح الناس بدنًا وقلبًا، فإن كان زهده وفراغه من الدنيا قوة له في إرادة اللَّه والدار الآخرة -بحيث فرغّ قلبه للَّه، وجعل حرصه على التقرّب إليه، وشحّه على وقته أن يضيع منه شيء في غير ما هو أرضى للَّه وأحب إليه- كان من أنعم الناس عيشًا، وأقرّهم عينًا، وأطيبهم نفسًا، وأفرحهم قلبًا، فإن الرغبة في الدنيا تشتّت القلب وتبدّد الشمل، وتطيل الهم والغمّ والحزن، فهي عذاب حاضر يؤدي إلى عذاب منتظر أشد منه، وتفوّت على العبد من النعم أضعاف ما يروم تحصيله بالرغبة في الدنيا.

قال الإمام أحمد: حدثنا الهيثم بن جميل حدثنا محمد يعني ابن مسلم عن إبراهيم يعني ابن ميسرة عن طاوس قال: قال رسول اللَّه : "إن الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن، وإن الرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن" (١).

وإنما تحصل الهموم والغموم والأحزان من جهتين:

أحدهما: الرغبة في الدنيا والحرص عليها.

الثاني: التقصير في أعمال البر والطاعة.

قال عبد اللَّه بن أحمد: حدثني بيان بن الحكم حدثنا محمد بن حاتم عن بشر بن الحارث قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن ليث عن الحكم (٢)


(١) سبق تخريجه ص (٤١٩).
(٢) في الأصل: "الحكمي". والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>