للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: قال رسول اللَّه : "إذا قصّر العبد في العمل، ابتلاه اللَّه ﷿ بالهمّ" (١).

وكما أن الرغبة في الدنيا أصل المعاصي الظاهرة، فهي أصل معاصي القلب؟ من السخط والحسد والكبر والفخر والخيلاء والتكاثر، وهذا كله من امتلاء القلب بها لا من كونها في اليد، وامتلاء القلب بها ينافي الشكر، ورأس الشكر تفريغ القلب منها، وباللَّه التوفيق.

وامتداد المال كامتداد العمر والجاه، فخير الناس من طال عمره وحسن عمله (٢)، فهكذا من امتدّ ماله وكثر خيره، فنعم المرء وماله وجاهه: إما أن يرفعه درجات، وإما أن يضعه درجات.

وسرّ المسألة: أن طريق الفقر والتقلل طريق سلامة مع الصبر، وطريق الغنى والسعة في الغالب طريق عطب، فإن اتقى اللَّه في ماله ووصل منه رحِمَه، وأخرج منه حقّ اللَّه، وليس مقصورًا على الزكاة بل من حقّه إشباع الجائع، وكسوة العاري، وإغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج والمضطر، فطريقه طريق غنيمة وهي فوق السلامة.

فَمَثلُ صاحب الفقر كمثل مريض قد حُبس بمرضه عن أغراضه، فهو يثاب على حسن صبره على حبسه، وأما الغني فخطره عظيم في كسبه


(١) "زوائد عبد اللَّه على الزهد" لإمام أحمد رقم (٥٣).
ورواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٧/ ١١١). كلاهما عن الحكم مرسلًا.
(٢) روى ذلك الترمذي في "جامعه" رقم (٢٣٢٩)، وقال: "حسن غريب من هذا الوجه"، من حديث عبد اللَّه بن بسر.
ورواه أيضًا برقم (٢٣٣٠) وقال: "حديث حسن صحيح"، من حديث أبي بكرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>