للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجامع الصبر بل يُضادّه، ويُبطله.

فالفرق بين شكواه والشكوى إليه. وسنعود لهذه المسألة في باب: "اجتماع الشكوى والصبر وافتراقهما" إن شاء اللَّه (١).

وقيل: "الصبر: شجاعة النفس".

ومن هاهنا أخذ القائل قوله: "الشجاعة صبرُ ساعة" (٢).

وقيل: "الصبر ثبات القلب عند موارد الاضطراب".

والصبر والجَزَعُ ضدان، ولهذا يُقابَل أحدُهما بالآخر، قال تعالى عن أهل النار: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا﴾ [إبراهيم: ٢١].

والجزع قرين العجز وشقيقه، والصبر قرين الكَيْس ومادته؛ فلو سُئل الجزع: من أبوك؟ لقال: العجز. ولو سُئل الكَيس من أبوك؟ لقال: الصبر.

والنفس مطيةُ العبد التي يسير عليها إلى الجنة أو النار، والصبر لها بمنزلة الخِطام والزمام للمطية، فإن لم يكن للمطية خطام ولا زمام


(١) وقد تناول الفرق بينهما أيضًا في "مدارج السالكين" (٢/ ١٦١).
(٢) قاله البطال، وأخرجه عنه ابن أبي الدنيا في كتاب "الصبر" رقم: (٥٠)، وفي كتاب "مكارم الأخلاق" رقم: (١٧٢).
وقاله أيضًا -ولعله أخذه عن البطال- يحى بن سعيد الطبيب النصراني البصري، حيث قال:
إن الشجاعة صبر ساعه … فازجر عن القلب انخداعه
واقنع بما سنّ الإلـ … ــهُ فخيرُ ما صُحب القناعهْ
انظر: "خريدة القصر وجريدة العصر" للعماد الأصبهاني (٤/ ٢/ ٧٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>