للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى هذا يكون هذا موجب اللفظ عند الإطلاق، والحيلة: صرف اللفظ عن موجبه.

الثاني: أنَّ موجبه الضرب المفرَّق، وهذا موجب شرعنا، فلا يُستدل بشرع من قبلنا؛ لأن شرْعَنا وَرَد بخلافه.

وقلنا ثانيًا:

من تأمَّل الآية علم أن هذه الفُتيا خاصة الحكم، فإنها لو كانت عامةً لم يَخْفَ على نبيٍّ كريم موجبُ يمينه، ولم يكن في اقْتِصاصها علينا كبير عبرة، فإنه إنما يُقَصُّ ما خرج عن نظائره ليُعْتَبَر به.

وأيضًا: قال عقيبها: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} [ص: ٤٤]، فخرجت هذه الجملة مخرج التعليل، فعُلِم أنَّ اللهَ جازاه على صبره تخفيفًا عنه ورحمةً به، لا أن هذا موجب هذه اليمين.

وقلنا ثالثًا:

معلوم أنَّ اللهَ إنما أفتاه بهذا؛ لئلا يحنث، كما أخبر الله، وكما نقله أهلُ التفسير، وهذا يدلُّ على أن كفارة الأيمان لم تكن مشروعةً في تلك الشريعة، بل ليس إلا البر أو الحنث، كنذر التبرُّر في شرعنا.

وكان أبو بكر لا يحنث في يمينه حتى [أنزل] الله كفارة الأيمان (١)، فعُلِم أنها لم تكن مشروعة، فصار كأنه قد (١٦٨/ أ) نَذَر


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٦١٤) عن عائشة بنت الصديق أبي بكر - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>