للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعين، ورُوِي عن علي وابن مسعود وابن عباس".

ورُوي من طرق كثيرة، وروي ما يعضده ويقويه، مثل قوله: "ألا أُنْبِئكم بالتيسِ المُسْتَعار قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "هو المحلِّلَ والمحلَّل له" (١) - وتكلَّمَ على طرقه وقال في آخر ذلك -: فثبتَ أَنَّه حديث حسن وإسناد جيّد.

فهذه سُنن رسول الله بيِّنَة في لعن المُحِلّ والمُحَلَّل له، وذلك من أبين الأدلة على أنه حرام باطل؛ إذ اللعن لا يكون إلا على معصية، بل لا يكاد يلعن إلا على كبيرة؛ لأن الصغيرة تقعُ مُكَفَّرةً بالحسنات.

واللعنة هي: الإقصاء والإبعاد عن رحمة الله، ولن يستوجب ذلك إلا بكبيرة، قال ابن عباس: كلُّ ذنبٍ خُتِم بغضب أو لعنة أو عذاب أو نار؛ فهو كبيرة (٢). والعقدُ محرَّم، والنكاح المحرَّم باطل باتفاق الفقهاء، ولعنُه للمحلل له يدلُّ على أنها لم تحل له وإلا لم يَكُن للعنةِ وَجْه.

فإن قيل (٣): يُحمل الحديث على من شَرَطَ التحليل في نفس


(١) أخرجه ابن ماجه رقم (١٩٣٦)، والحاكم: (٢/ ١٩٨)، والبيهقي: (٧/ ٢٠٨) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
والحديث حسَّنه عبد الحق الإشبيلي، وصححه المؤلف وابن القطان، وقوّاه الزيلعي، وقال في "مصباح الزجاجة": (٢/ ١١٢): "إسناده مختلف فيه".
انظر: "نصب الراية": (٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، و"التلخيص": (٣/ ١٩٥).
(٢) رواه ابن جرير: (٤/ ٤٤).
(٣) "الإبطال": (ص/ ٣٣٩).

<<  <   >  >>