للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [النساء: ٤٧]، وقال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ... } إلى قوله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦)} [الأعراف: ١٦٣ - ١٦٦].

وقد ذكر جماعة من العلماء - من الفقهاء وأهل التفسير -: أنهم احتالوا على الصيد يوم السبت بحيلة يخيل بها في الظاهر أنهم لم يصيدوا في يوم السبت، حتى قال أبو بكر الآجرِّي: لقد مسخ الله اليهود قردة بدون هذه الحِيَل الربوية.

وقال الإمام أبو يعقوب الجُوْزجاني - لما استدلَّ على إبطال الحيل -: وهل أصابَ الطائفة من بني إسرائيل المسخُ إلا باحتيالهم على أمر الله، بأن حظَّروا الحظاير على الحيتان في يوم سبتهم فمنعوها الانتشار يومها إلى الأحد، فأخذوها.

وكذلك السلسلة التي كانت تأخذ بعنق الظالم (١)، فاحتال لها صاحب الدُّرَّة إذ صيّرها في قصبةٍ ثم دفعها بالقصبة إلى خصمه، وتقدم إلى السلسلة ليأخذها فرُفِعَت.

قال بعض الأئمة: في هذه الآية مَزْجرة عظيمة للمتعاطين الحِيَلَ على المناهي الشرعية ممن يتلبَّس بعلم الفقه وليس بفقيه؛ إذ الفقيه من يخشى اللهَ في الربويات والتحليل باستعارة المحلِّل


(١) أخرج خبر السلسلة ابن عساكر في "تاريخ دمشق": (١٧/ ١٠٣) عن وهب بن منبِّه، وانظر "مصنف عبد الرزاق": (٨/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>