للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمطلَّقات، والخلع لحل ما لزم من الطَّلَقات المعلَّقات، إلى غير ذلك من العظائم التي لو اعتمد بعضها مخلوق في حق مخلوق؛ لكان في نهاية القُبْح، فكيف بمن يعلم السرَّ وأخفى؟ ! .

وقد ذكر القصة غيرُ واحدٍ من مشاهير المفسِّرين (١) بمعنًى متقارب عن ابن مسعودٍ وغيره من الصحابة، قال: كانت الحيتان تأتي يوم السبت حتى تخرج خراطيمها من الماء، فإذا كان يوم الأحد لم يُر منهنَّ شيءٌ، فذلك قوله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: ١٦٣] وقد حرَّم الله عليهم أن يعملوا شيئًا في يوم السبت. فجعل يحفر الرجلُ الحُفَيْرةَ (٢) ويجعل لها نهرًا إلى البحر، فإذا كان يوم السبت أَقْبَلْ الموج بالحيتان فيلقيها بالحفيرة، فلا يمكن الحوت الخروج منها لقلَّة الماء فيه، فإذا كان يوم الأحد جاءَ فأخذه.

وقيل: كانوا ينصبون الحبائل والشُّصُوص (٣) يوم الجمعة ويُخرجونها يوم الأحد. ذكر هذا الوجه القاضي أبو يعلى (٤). فلما فعلوا ذلك صاروا ثلاث فرق، فرقة أمسكت ونهت غيرها عن ذلك، وفرقة أمسكت ولم تَنْه، وفرقة أُخرى انتهكت الحرمة، وتمام القصة مشهور.

فدلَّ ذلك على أنهم إنما أخذوها بنوع من التأويل استحلوا به


(١) كابن جرير: (٦/ ٩٨ - ٩٩)، وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد الرزاق وغيرهم - كما في "الدر المنثور: ٣/ ٢٥١ - ٢٥٢" -.
(٢) كذا في الأصل، و"الإبطال"، وفي (م): "يحظر الرجل الحظيرة".
(٣) الشّصّ: حديدة عقفاء يُصاد بها السمك. انظر "اللسان": (٧/ ٤٨).
(٤) لعله في "إبطال الحيل" والكتاب في حكم المفقود.

<<  <   >  >>