للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكلمة الضلالة، وإن المنافق قد يقول كلمةَ الحق، فتلقَّوا الحقَّ عمن جاء به، فإن على الحق نورًا.

قالوا: وكيف زَيْغَة الحكيم؟ قال: هي كلمة تَرُوْعُكم وتنكرونها، وتقولون: ما هذه؟ ! فاحذروا زيغتَه ولا تصدَّنكم عنه، فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجعَ الحقَّ، وأن العلمَ والإيمان مكانَهما إلى يوم القيامة، فمن ابتغاهما وجدهما" (١).

وعن ابن عباس قال: "ويلٌ للاتباع من عثرة العالم". قيل: كيف؟ قال: "يقول العالم برأيه، ثم يجد من هو أعلمُ برسولِ الله منه فيتْرُك قولَه ذلك، ثم يمضي الأتباعُ" (٢).

وكذا رُوِي عن غير واحدٍ من الصحابة، فهذه آثار مشهورة رواها ابن عبد البر وغيره، فإذا كان قد حذرنا (٣) زلة العالم، وأمرنا مع ذلك أن لا نَرجع عنه، فالواجب على من شرح الله صدرَه للإسلام إذا بلغته مقالةٌ ضعيفةٌ عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلَّدُها، بل يسكت عن ذكرها إن تيقَّنَ صحتَها وإلَّا توقَّف في قبولها.

فما أكثر ما يُحكى عن الأئمة ما لا حقيقةَ له، وكثير من المسائل يُخْرِّجُها بعضُ الأتباع عن قاعدة متبوعه، مع أن ذلك الإمام لو رأى


(١) أخرجه عبد الرزاق: (١١/ ٣٦٣)، وأبو داود رقم (٤٦١١) مختصرًا، والحاكم: (٤/ ٤٦٠)، وابن عبد البر: (٢/ ٩٨١) وغيرهم.
(٢) أخرجه ابن حزم في "الإحكام": (٣/ ٢٥٦)، والبيهقي في "المدخل": (١/ ٤٤٥)، وابن عبد البر: (٢/ ٩٨٤).
(٣) "الإبطال": "فإذا كنا قد حُذِّرْنا .. ".

<<  <   >  >>