للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصب لحلِّ المرأة بعد الطلقتين إذا أراده المكلَّف سببًا غالبًا وهو تناكُح الزوجَين، فإنهما إذا أراداه فعلاه، ولهذا قال: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] و {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣].

فعلَّق قُربان الصلاة على علمه بما يقوله، وقربان المرأة على الطهر، فعلق ذلك بسببٍ يتيسَّر غالبًا؛ لأنه - سبحانه - أراد وجودَ الحلِّ ووجودَ قربانِ الصلاة، بخلاف قوله: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] لم (١) يُيَسِّر ذلك له، بل علَّقه على سبب لا يوجد غالبًا ولا يتيسَّر كما أراده المكلَّف ولا في الغالب، فيجب الفرق بين هذا وهذا، أعني: بين ما يُقْصَد وجودُه لكن بشرط وجود غيره، وبين ما يُقْصَد عدمُه لكن بشرط أن لا يوجد غيره.

فمثال الأول: [أسباب] حل المال والوطء واللحم، فإن ذلك حرام حتى توجد هذه الأسباب، وهي مقصودة الوجود؛ لأنها [من] مصلحة الخلق.

ومثال الثاني: أسباب حل العقوبات من القتل والجَلْد والقَطْع، فإن الدماء والأبشار حرام حتى توجد الجنايات، وهي مقصودة العدم؛ لأن المصلحة عدمها.

ومن الثاني: تحريم الخبائث حتى توجد الضرورة، ونكاح


(١) في "الأصل": "لم ـر ييسر"! .

<<  <   >  >>