للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعَه الله له، وأتى بالسبب حقيقةً، وسواء حصل ذلك بعقد أو عقدين. مثل أن يكون بيده سِلْعة وهو يُريد سلعة أخرى غيرها لا تُباع بسلعة لمانع شرعي أو عُرْفي أو غيره، فيبيع سلعته ليملك ثمنها، وتملُّك الثمن أمر مقصود مشروع، ثم يبتاع التي يريدها.

وهذه قضية بلال (١) - رضي الله عنه - بخيبر سواء، فإنَّه قصد بالبيع ملك الثمن، ثم ابتاع بالثمن جَنِيْبًا، فلما كان بائعًا قَصَدَ ملك الثمن حقيقةً، ثم لما كان مُبتاعًا قَصَدَ ملك السلعة حقيقةً.

فإن ابتاع بالثمن من غير المشتري منه؛ فلا محذور فيه ألبتة، لأن كلَّ واحد من العقدين مقصود، ولذلك يستوفيان حكم العقد الأول من النقد والقبض ونحو ذلك.

وأما إن ابتاع بالثمن من مُبْتاعه من جِنْس ما باعه، فَيُخاف أن لا يكون العقد الأول مقصودًا منهما، بل قصدهما بيع السِّلْعة الأولى بالثانية، فيكون ربًا، ويظهر أثر ذلك بأنه لم يحرز الثمنَ ولا نَقَدَه ولا قَبَضَه، فيُعْلَم أنه لم يقصد بالعقد الأول ملك الثَّمن، بل عَقَد العقد الأول على أن يُعيد إليه الثمن ويأخذ الأخرى، وهذا تواطؤٌ منهما حينَ عَقْدِه على فَسْخِه، فلم يكن العقد الأول مقصودًا، فوجوده كعدمه، فيكون (٢) قد اتفقا على أن يبتاع بالتَّمْرِ تَمْرًا أو ربما تشارطا على سعر إحدى السلعتين في الأخرى أوَّلًا، ثم بعد ذلك


(١) انظر التعليق رقم (٣)، ص/ ٦٥.
(٢) كذا في "الأصل" و (م). و"الإبطال": "فيكونان".

<<  <   >  >>