للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا قولُه! وإذا كان إجماعُ النحويين ليس بحُجة، فمَن خالَفه كان خليلَ نفسِه وأبا عمرو فِكرِه؛ إذ لم يُخالِف في كتاب ولا سُنَّة ولا في مقيس عليهما أو مستنبَط منهما …

فإنا نقول: الذي يُقطَع به، ولا يُشَكُّ فيه أن الإجماع في كلِّ فنٍّ شرعيٍّ أصلُه المنقول حُجة؛ لأن الإجماع معصومٌ على الجملة، قامت بذلك الدلائل الشرعية على ما تقرَّر في الأصول.

وسبيلُ ابن جني في المسألة سبيلُ النَّظَّام وبعضِ الخوارج والشيعة، وحسبك بهذا انحطاطًا عن مراتب العلماء، وبيان هذه المسألة في الأصول، والذي بنى ابن جني عليه هذه المسألة شيءٌ رآه في قولهم: هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ (١)، حاصلُه أنه إحداث تأويل لم يذكره أحدٌ من النحويين، ومخالَفتُه سائغة على الأصحِّ من قولَي الأصوليين، وعليه الأكثر، ومع هذا فإنه أخطأ فيه حين قصَد مخالَفةَ الإجماع في أمرٍ توهَّم أن مِثله لا يُخالَف فيه؛ هكذا كان يذكر لنا شيخنا الأستاذ (٢) أنه لم يُوفَّق في تأويله للصواب، بل حلَّ به شؤمُ المخالفة" (٣)، و"ذهب إلى ما لا يقبله عاقل" (٤)؛ فإن "خرق الإجماع ممتنِع، وصاحبُه مخطئ قطعًا؛ لأن يد الله مع الجماعة" (٥).


(١) راجع: الكتاب ١/ ٦٧، ٤٣٦.
(٢) شيخه ابن الفخار.
(٣) المقاصد الشافية ٩/ ١٩٣، ١٩٤.
(٤) السابق، ١/ ٤٩١، ٤٩٢.
(٥) المقاصد الشافية ٥/ ٥٢٦.

<<  <   >  >>