للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في ذكر أمثلة تبيِّن تأثير العربية في تقرير معاني السُّنة واستنباطها منها

المثال الأول: أثر دلالة "ثُمَّ" على الترتيب في المعنى:

"قال المارِدي (١): الدليل على أن "ثُمَّ" لا تكون بمعنى الواو إجماعُ الفقهاء على أنه لا يجوز أن يقال: هذا بيُمنِ الله ويُمنك، بالواو، ولكن أجازوا أن يقال: هذا بيُمن الله ثُمَّ يُمنك. قال: ولو كانت بمعنى الواو ما فرُّوا إليها. قال: وفي الحديث أن بعض اليهود قال لبعض أصحاب النبي : تزعُمون أنَّكم لا تشركون بالله وأنتم تقولون ما شاء الله وشئتَ! فذُكِر ذلك للنبيِّ ، فقال: "لا تقولوها، وقولوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ" (٢).

فإن قيل: فهل يجوز ما شاء الله فشئتَ، بالفاء؟ قيل: لا؛ لأنَّ فيه خلافًا لسُنَّة رسول الله ، ولأنَّ الفاء تدلُّ على أنَّ ما بعدَها يتلو ما قبلَها بتراخٍ يسير، ومشيئةُ العِباد لا تُقارِب مشيئةَ الله تعالى" (٣).

المثال الثاني: أثر دلالة الصفة المشبَّهة - على وزن "فَعْلَان" - على المعنى:

"إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية؛ فعلى شرط أن يتقدَّم النقل


(١) أبو بكر، خطاب بن يوسف بن هلال القرطبي الماردي، من جِلة النحاة ومحقِّقيهم والمتقدِّمين في المعرفة بعلوم اللسان، له كتاب "الترشيح"، ينقل عنه أبو حيان وابن هشام كثيرًا، توفي بعد الخمسين والأربعمئة. راجع بغية الوعاة ١/ ٥٥٣.
(٢) أخرجه النسائي (٣٧٧٣)؛ وابن ماجه (٢١١٧)؛ والحاكم في المستدرك ٤/ ٣٣١ (٧٨١٥)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
(٣) المقاصد الشافية ٥/ ٨٩، ٩٠.

<<  <   >  >>