للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في وجوب احترام القراءات القرآنية، والمنع من وصفها باللَّحن، وعدم جواز نسبةِ ناقِليها إلى إعمال الرأي في أخذها وتلقِّيها

تقدَّم في "الفصل الأول" تقرير أن المتَّبَع في صناعة العربية هو السماع، وأفصحُ السماع باتفاق هو القرآن الكريم وما نُقِل فيه من القراءات وأوثقُه من جهة الثبوت، ولهذا اعتمد النحويون "على ما نقل أهلُ القراءات من الروايات في ألفاظ القرآن، فبنَوا عليها لمَّا كان اعتناؤهم بنقل الألفاظ" (١).

وقد كان هناك قومٌ من النحويين يُسيئون الظنَّ بالقَرَأة، وهو لا يجوز، ولذلك "لا يُسمع قول مَن قال بتخطئة ابن عامر (٢) والغضِّ منه؛ بأنه اتَّبَع رأيه وخَطَّ المصحف، وترك الرواية، وأن تلك القراءة لحنٌ وغير جارية على أصول كلام العرب (٣)، فإن هذا القول تخرُّص عليه وعدم توفية لحقِّ الإمامة، والتقدُّمِ والعدالة، ولقاءِ الصحابة والأخذ عنهم؛ إذ كان من شيوخه الذين عوَّل عليهم عثمان بن عفان (٤) أجمعين. وأيضًا فهو ممن اتَّفَق الجمُّ الغفير


(١) المقاصد الشافية ٣/ ٤٠٢.
(٢) في قراءته: (وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادهم شركائهم). راجع: جامع البيان ٣/ ١٠٦٥؛ النشر ٢/ ٢٦٣.
(٣) راجع: معاني القرآن، للفراء، ١/ ٣٥٧؛ الكشاف ٢/ ١٢٧؛ شرح الكافية، للرضي، ٢/ ٣٣٠.
(٤) قال الذهبي في: السير ٥/ ٢٩٢، في ترجمة ابن عامر عنه: "روي أنه سمع قراءة عثمان بن عفان، فلعل والده حجَّ به، فتهيأ له ذلك. وقيل: قرأ عليه نصف القرآن، ولم يصحَّ. وجاء أيضًا: أنه قرأ على قاضي دمشق فضالة بن عُبيد الصحابي. والمشهور أنه تلا على المغيرة بن =

<<  <   >  >>