مقالةٌ في دفع ما قد يُظَنُّ من أن عِلم النحو عِلم مبتدع لم يكن في الزمن الأوَّل
"البدعة … عبارة عن: "طريقة في الدِّين مخترعة، تُضاهي الشرعية، يُقصَد بالسلوك عليها المُبالَغة في التعبُّد لله سبحانه" …
ولما كانت الطرائق في الدِّين تنقسم؛ فمنها: ما له أصلٌ في الشريعة، ومنها: ما ليس له أصلٌ فيها - خُصَّ منها ما هو المقصود بالحدِّ، وهو القسم المخترَع، أي: ابتُدعت على غير مثال تقدَّمها من الشارع؛ إذ البدعة إنما خاصتها أنها خارجة عما رسمه الشارع.
وبهذا القيد انفصلت عن كلِّ ما ظهر لبادي الرأي أنه مخترَع مما هو متعلِّق بالدِّين، كعِلم النحو، والتصريف، ومفردات اللغة، وأصول الفقه، وأصول الدِّين، وسائر العلوم الخادمة للشريعة؛ فإنها وإن لم تُوجَد في الزمان الأول، فأصولُها موجودة في الشرع:
- إذ الأمرُ بإعراب القرآن منقولٌ.
- وعلومُ اللسان هادية للصواب في الكتاب والسُّنة، فحقيقتُها إذًا أنها فقهُ التعبُّد بالألفاظ الشرعية الدالَّة على معانيها؛ كيف تؤخذ وتؤدَّى.
- وأصولُ الفقه إنما معناها استقراءُ كليات الأدلة، حتى تكون عند المجتهد نُصْب عين، وعند الطالب سهلة الملتمَس.