للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا كان "شأن العلماء والفضلاء أن يأتوا بالفائدة مجرَّدة من التنكيت والاستصغار لِمَا جاء به غيرُهم وإن كان ما يأتون به أتمَّ وأَكملَ" (١).

الأدب الخامس: الاقتصار في الإقراء على ما قُرئ على الشيوخ:

"مسألة أبي القاسم في "الجُمَل" (٢): "أُعطِيَ بالمُعطَى به ديناران ثلاثون دينارًا". قد صوَّر الناس فيها نيِّفًا وستين مسألة، وبعضُهم نيِّفًا وتسعين، وصوَّر فيها شيخنا الأستاذ أبو عبد الله بن الفَخَّار ما يقرُب من مئة وثمانين مسألة من غير استقصاء لِمَا يُتصوَّر فيها، بل إنما ذكر ما يشتهر في اللسان وعند النحويين، وأفرد ذلك في مسألة خارجة عن شرحه للجُمَل، وحدَّثنا فيها حكايةً قال: كنتُ أسمع بسَبْتَة زمانَ قراءتي بها أن الشيخ أبا الحسن بن الحَصَّار كان إذا وصل الطلبة بقراءة "الجُمَل" عليه إلى مسألة: "أُعطِيَ المُعطَى" حضَّهم على القراءة على غيره من النحاة، فقيل له في ذلك، فقال: لما وصلتُ إلى هذه المسألة على شيخنا فلانٍ، وصوَّر لي ما قرُب من وجوهها لم يُفتَح لي في تصوُّرها، ولم أطمع في ذلك، فذهبتُ هاربًا، ثم ندمتُ. قال: ولم يكن ابن الحَصَّار ممن بقِيَت عليه هذه المسألة غير مفهومة؛ لأنه كان إمام نحويي زمانه، ولكنه استعمَل أدب المتقدِّمين في الاقتصار على إقراء ما قرأوه على الشيوخ" (٣).

* * *


(١) المقاصد الشافية ١/ ٢٤.
(٢) الجمل في النحو ٨١، ٨٢.
(٣) المقاصد الشافية ٣/ ٤٦، ٤٧.

<<  <   >  >>