للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في أن نظر النحوي في صناعته إلى الألفاظ بالأصالة وإلى المعاني بالتَّبَع

"النحاة … نظرُهم بالقصد الأول في اللفظ، وبالقصد الثاني في المعنى" (١)، فـ "النحويُّ … إنما كلامُه في الألفاظ" (٢)، و"لا يتكلَّم … إلا في الألفاظ الدالَّة على المعاني" (٣).

"فإن قيل: فإن النحويين يتكلَّمون كثيرًا في معاني الأدوات والألفاظ، أفَتراهم خارجين عن الصواب بذلك؟

فالجواب: أن كلامهم في معاني الألفاظ في الغالب إنما يكون لما يعرِض لهم من بناء القوانين على النقل اللغوي أو لأن كلامهم في ذلك يجري مجرى ضبط القوانين.

فالأول: نحو قول .... إن لحاق الكاف واللام في "ذلك" و"تلك" يدلُّ على البُعد، وتركُها يدلُّ على القُرب، فمثل هذا ينبني عليه من القياس أن الكاف واللام تلحقان اسمَ الإشارة قياسًا إذا قصدتَ الإشارة بها إلى البعيد.

والثاني: مثل كلامهم في معاني حروف الجرِّ، فإن كلامهم في ذلك من قَبيل ضبط القوانين ..... وقلَّما يتكلَّم النحوي في معاني اللغة على غير هذين


(١) المقاصد الشافية ١/ ٤٣.
(٢) السابق، ٣/ ٥١.
(٣) المقاصد الشافية ٣/ ٢٨٧.

<<  <   >  >>