للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في دفع ما جاء عن بعض السَّلَف ظاهرُه ذمُّ العربية

"نُقِل عن القاسم بن مُخَيْمِرَة (١) أنه ذُكِرت عندَه العربيةُ، فقال: "أَوَّلُها كِبْرٌ، وآخِرُها بَغْيٌ" (٢).

وحُكي أن بعض السلف قال: "النحوُ يُذهِب الخُشوع من القلب، ومَن أراد أن يزدَري الناس كلَّهم فليَنظُر في النحو " (٣)، ونُقِل نحوٌ (٤) من هذا (٥).

وهذه كلُّها لا دليل فيها على الذَّمِّ؛ لأنه لم يذُمَّ النحو من حيث هو بدعة، بل من حيث ما يُكتسَب به أمرٌ زائد، كما يُذَمُّ سائرُ علماء السوء، لا لأجل علومهم، بل لأجل ما يحدث لهم بالعَرَض من الكِبْر به والعُجْب وغيرهما، ولا يلزم من ذلك كونُ العِلم بدعة، فتسميةُ العلوم التي يُكتسَب بها أمرٌ مذمومٌ


(١) الهمداني الإمام الحافظ القدوة، نزيل الكوفة، حدَّث عن جمع من الصحابة، حدَّث عنه كُثُر من الأكابر منهم الأوزاعي، توفي سنة مئة أو إحدى ومئة. راجع: سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٠١ - ٢٠٤.
(٢) أخرجه الخطيب في: اقتضاء العلم العمل، ص ٩١ (١٥٠)، بلفظ: "تعلُّم النحو أوَّله شُغل وآخره بغي"، والنص الذي ذكره الشاطبي ذكره أبو طالب المكي في: قوت القلوب ١/ ٢٨٢، وعنه نقله الشاطبي هنا وكذا ما نقله بعدَه من أقوال في هذا الأمر. وللشاطبي عناية بكتاب "قوت القلوب" يظهر ذلك من استفادته منه في كتبه، ومن خلال ما نقله عنه ابن الأزرق في: روضة الإعلام ١/ ١٢٧، من تحذيره من مطالعة العوام له.
(٣) ذكره في: قوت القلوب ١/ ٢٨٢، باللفظ الذي ذكره الشاطبي.
(٤) أثبت محقِّق الاعتصام هذه اللفظة بالنصب، وذكر في الحاشية أنها في ثلاث نسخ بالرفع كما أثبتُّه، وهو الأليق بسياق الكلام.
(٥) راجع: قوت القلوب ١/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>