مقالةٌ في أن المُعتمَد من علم العربية في الشريعة ما كان منه من صُلب العلم
"من العِلم ما هو من صُلب العِلم، ومنه ما هو من مُلَح العِلم لا من صُلبه، ومنه ما ليس من صُلبه ولا مُلَحه؛ فهذه ثلاثة أقسام:
[القسم الأول]
هو الأصل والمعتمد، والذي عليه مدار الطلب، وإليه تنتهي مقاصد الراسخين، وذلك ما كان قطعيًّا، أو راجعًا إلى أصل قطعي، والشريعةُ المباركة المحمدية مُنزَّلة على هذا الوجه، ولذلك كانت محفوظةً في أصولها وفروعها؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] … لهذا القسم خواصُّ ثلاث، بهنَّ يمتاز عن غيره:
إحداها: العموم والاطراد … والثانية: الثبوت من غير زوال .... والثالثة: كونُ العِلم حاكمًا لا محكومًا عليه، بمعنى كونه مفيدًا لعمل يترتَّب عليه مما يليق به؛ فلذلك انحصرت علوم الشريعة فيما يفيد العملَ أو يُصوِّب نحوه، لا زائد على ذلك، ولا تجد في العمل أبدًا ما هو حاكم على الشريعة، وإلا انقلب كونُها حاكمةً إلى كونها محكومًا عليها، وهكذا سائر ما يُعَدُّ من أنواع العلوم …
[القسم الثاني]
وهو المعدود في مُلَح العِلم لا في صُلبه: ما لم يكُن قطعيًّا ولا راجعًا إلى أصل قطعي، بل إلى ظني، أو كان راجعًا إلى قطعي إلا أنه تخلَّف عنه خاصةٌ