من تلك الخواص، أو أكثر من خاصة واحدة؛ فهو مُخيل ومما يستفِزُّ العقل ببادئ الرأي والنظر الأول، من غير أن يكون فيه إخلالٌ بأصله، ولا بمعنى غيره، فإذا كان هكذا؛ صحَّ أن يُعَدَّ في هذا القسم.
فأما تخلُّف الخاصية الأولى - وهو الاطراد والعموم - فقادحٌ في جعله من صُلب العِلم؛ لأن عدم الاطراد يقوِّي جانب الاطِّراح، ويُضعف جانب الاعتبار؛ إذا النقصُ فيه يدلُّ على ضعف الوثوق بالقصد الموضوع عليه ذلك العِلم، ويُقرِّبه من الأمور الاتفاقية الواقعة عن غير قصد؛ فلا يُوثَق به، ولا يُبنَى عليه.
وأما تخلُّف الخاصية الثانية - وهو الثبوت - فيأباه صُلب العِلم وقواعده؛ فإنه إذا حكَم في قضية، ثم خالَف حكمه الواقع في القضية في بعض المواضع أو بعض الأحوال؛ كان حكمه خطأً وباطلًا، من حيث أطلَق الحُكم فيما ليس بمطلَق، أو عمَّ فيما هو خاص؛ فعَدِم الناظرُ الوثوقَ بحُكمه، وذلك معنى خروجه عن صُلب العِلم.
وأما تخلُّف الخاصية الثالثة - وهو كونُه حاكمًا ومبنيًّا عليه - فقادحٌ أيضًا؛ لأنه إن صحَّ في العقول لم يُستفَد به فائدة حاضرة، غير مجرَّد راحات النفوس؛ فاستوى مع سائر ما يُتفرج به، وإن لم يصح فأحرى في الاطِّراح، كمباحث السوفسطائيين ومَن نحا نحوهم.
ولتخلُّف بعض هذه الخواص أمثلة يلحق بها ما سواها .... :
• الحِكَم المستخرَجة لما لا يُعقَل معناه على الخصوص في التعبُّدات، كاختصاص الوضوء بالأعضاء المخصوصة، والصلاة بتلك الهيئة؛ من رفع اليدين والقيام والركوع والسجود … إلى أشباه ذلك مما لا تهتدي العقول إليه