للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه وعلى غير تحرُّز من حشو ولا غيره؛ فمثل هؤلاء لا كلامَ معهم في هذه الأشياء للمعرفة بمقاصدهم، كما أنا إذا نظرنا في كتب المتقدِّمين لا نُشاقِّهم في عباراتهم، ولا نتتبَّع ألفاظهم هذا التتبُّع؛ فإنا إن فعلنا ذلك كنا مخطئين في أخذ كلامهم متعسِّفين في تقصيدهم ما لم يقصدوا.

وابنُ مالك ومَن تبع مثل ما تبع معلومٌ منهم القصدُ إلى إغماض المعاني في العبارات، وإدراجِ الكثير منها في اللفظ اليسير، وتركِ اللفظ لإيهام يكون فيه، واختيارِ ما يعطي أصل المعنى من غير تطويل، وما أشبه هذا؛ فنحن نعامِل ابنَ مالك بما نصَب له نفسَه" (١).

فمثلًا "سيبويه وغيرُه .... عادتُهم التجوُّز في تعريف القانون بالمثال؛ قال سيبويه: "وأما السين فتُزاد في "استفعل"" (٢)، ولم يزِد على هذا، لكن قد يُسمَح لسيبويه ولمَن كان مِثلَه في مثل هذا؛ إذ مقصودُه حاصل على الجملة، وأما الناظم فلم يَبنِ في عبارته على سَذَاجة أولئك، وإنما بنى على التحذُّق في العبارات، وضمِّ أطراف الألفاظ، وإيرادها من تحت النظر والامتحان؛ فهو جديرٌ بأن لا يُسامَح في هذا وأشباهه" (٣).

الأدب الرابع: الإقرار بفضل المتقدِّم والاعتراف له بسَبْقه:

"إن السابق له فضيلة ظاهرة على غيره من اللاحقين؛ إذ كان اللاحق مهتديًا بناره مقتديًا بفعله، فكانا كالإمام والمأموم.


(١) المقاصد الشافية ٨/ ٣٦٧.
(٢) الكتاب ٤/ ٢٣٧.
(٣) المقاصد الشافية ٨/ ٤٤٣.

<<  <   >  >>