للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُوي أن إسحاق بن إبراهيم (١) لما صنع كتابه في "النَّعْم واللُّحون" عرَضه على إبراهيم بن المهدي (٢)، فقال: لقد أحسنتَ يا أبا محمد، وكثيرًا ما تُحسِن. فقال إسحاق: بل أحسنَ الخليلُ؛ لأنه جعل السبيلَ إلى الإحسان - يعني بعِلم العَرُوض -. فقال إبراهيم: ما أحسنَ هذا الكلام! فممَّن أخذتَه؟ قال: من ابن مُقبِل (٣)؛ إذ سمع حَمَامةً من المُطوَّقات فاهتاج لمَن يحب فقال (٤): [الطويل]

فلو قَبْلَ مَبْكَاهَا بكَيتُ صَبَابَةً … بِلَيْلَى شَفَيْتُ النَّفْسَ قَبْلَ التندُّمِ

ولكن بَكَت قَبْلِي فَهَاجَ (٥) ليَ البُكَا … بُكَاهَا فَقُلتُ الفَضْلُ للمُتقدِّمِ

وهو فضلٌ عند الكافَّة مَرعيٌّ، وينضاف هاهنا إلى فضلٍ شرعيٍّ نبَّه عليه قوله : "مَن سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كان له أجرُها وأجرُ مَن عَمِلَ بها إلى يَوْمِ القِيَامَةِ" (٦) " (٧).


(١) أبو محمد، إسحاق بن إبراهيم بن ميمون المعروف والده بالموصلي، كتب الحديث عن سفيان بن عُيينة وطبقته، وأخذ الأدب عن الأصمعي وأبي عبيدة ونحوهما، برع في عِلم الغناء وغلَب عليه؛ فعُرِف به، ونُسب إليه، توفي سنة ٢٣٥ هـ. راجع: تاريخ بغداد ٧/ ٣٤٥.
(٢) هو الأمير أبو إسحاق، إبراهيم بن أمير المؤمنين محمد المهدي بن عبد الله المنصور، ولي إمارة دمشق، كان فصيحًا أديبًا عالمًا رأسًا في فن الموسيقى، توفي سنة ٢٢٤ هـ. راجع: سير أعلام النبلاء ١٠/ ٥٥٧.
(٣) تميم بن أُبَي بن مقبل، من بنى العجلان، شاعر جاهلي أدرك الإسلام. راجع: طبقات فحول الشعراء ١/ ١٥٠؛ خزانة الأدب ١/ ٢٣١.
(٤) لم أجدهما لابن مقبل إلا في: المزهر ١/ ٦٥، وقد أورد فيه السيوطي الحكاية كاملة كما أوردها الشاطبي. والأكثر أن يُنسب لنصيب بن رباح، أو لعدي بن الرقاع. راجع: الحيوان ٣/ ٢٠٦؛ الكامل في اللغة والأدب ٢/ ١٠٢٩؛ الحماسة البصرية ٢/ ١٤٢.
(٥) في مصادر التخريج: "فهيَّج".
(٦) أخرجه مسلم (١٠١٧) بنحوه.
(٧) المقاصد الشافية ١/ ٢٨، ٢٩.

<<  <   >  >>