للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في مقاصد عِلم النحو

"عِلم النحو يحتوي على نوعين من الكلام:

أحدهما: إحراز اللفظ عند التركيب التخاطُبي للإفادة عن التحريف والزَّيغ عن معتاد العرب في نطقها وما وقع عليه كلامُها؛ حتى لا يُرفع ما وضعُه في لسانهم أن يُنصب أو يُخفض، ولا يُنصب ما وضعُه في لسانهم على أن يُرفع أو يُخفض، ولا أن يؤتى بما حقُّه أن يكون عندها على شكل وهيئة على شكل آخر وهيئة أخرى، بل يجري في ذلك على مَهْيَع نُطقهم ومعروف تواضُعهم.

فإن كان المتكلَّم فيه مما قد تقدَّمت العرب للتكلُّم به، وحُفِظ عنهم، لم يُحرِّفه عما نطقوا به، وإن كان مما لم يُحفَظ عنهم من التركيب النطقي؛ إما لأنهم لم يتكلَّموا به، أو تكلَّموا به ولم يبلُغنا، أو بلغ بعضًا ولم يبلغ بعضًا، أعمَلنا في ذلك المقاييس التي استقر أناها من كلامهم حتى توصِّلنا إلى موافقتهم، وحتى نقطع أو يغلب على ظنوننا أنهم لو تكلَّموا بهذا لكان نطقهم كذا، فإذا تحصَّل لنا مجاراتُهم في ذلك ومساواتُهم كنا جديرين بأن نُسمَّى مُعرِبين، واستحقَّ المتَّصِف منا بذلك أن يُسمَّى نحويًّا، وهذا النوع هو المقصود من عِلم النحو.

والنوع الثاني: التنبيه على أصول تلك القوانين وعلل تلك المقاييس والأنحاء التي نحَت العرب في كلامها وتصرُّفاتها، مأخوذًا ذلك كلُّه من استقراء كلامها،

<<  <   >  >>