للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وكذلك أصول الدِّين، وهو عِلم الكلام، إنما حاصلُه تقرير لأدلة القرآن والسُّنة، أو ما ينشأ عنها؛ في التوحيد وما يتعلَّق به، كما كان الفقه تقريرًا لأدلتها في الفروع العملية.

فإن قيل: فإن تصنيفها على ذلك الوجه مخترَع.

فالجواب: أن له أصلًا في الشرع؛ ففي الحديث ما يدلُّ عليه (١)، ولو سُلِّم أنه ليس في ذلك دليل على الخصوص، فالشرعُ بجملته يدلُّ على اعتباره، وهو مستمَدٌّ من قاعدة المصالح المرسلة …

فعلى القول بإثباتها أصلًا شرعيًّا لا إشكال في أن كلَّ عِلم خادم للشريعة داخلٌ تحت أدلته التي ليست بمأخوذة من جزئيٍّ واحد، فليس ببدعة البتةَ.

وعلى القول بنفيها لا بُدَّ أن تكون تلك العلوم مبتدَعات، وإذا دخلت في قسم البدع كانت قبيحة؛ لأن كلَّ بدعة ضلالة من غير استثناء …

ويلزم من ذلك أن يكون كَتْب المصحف، وجمعُ القرآن قبيحًا، وهو باطلٌ بالإجماع، فليس إذًا ببدعة.

ويلزم أيضًا أن يكون له دليل شرعيٌّ، وليس إلا هذا النوع من الاستدلال، وهو المأخوذ من جملة الشريعة.


(١) علَّق محقِّق الاعتصام ١/ ٤٩، هامش (٢)، على هذا الموضع بقوله: "يريد قوله : "عَلَيْكُم بسُنَّتَي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّين"، فإذا ثبت عن عمر أو علي الأمرُ بوضع قواعد النحو، فهو من سُنة الخلفاء الراشدين المأمور بها، وليس من البدع، وقد اعتمد المؤلِّف على الحديث في الإجابة على مثل هذا، وكذلك استدلَّ بكتابة الحديث في زمنه . [الاعتصام] ١/ ٣٤٧، ٣٤٨".

<<  <   >  >>