للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّغْلِبي (١)، أدام الله أيَّامه، عن قول ابن مالك في "تسهيل الفوائد" (٢) في باب اسم الإشارة: "وقد يُغني ذو البُعد عن ذي القُرب؛ لعظمة المُشِير أو المشار إليه".

فقال: إن المؤلِّف مثّضل عظمة المُشِير في الشرح (٣) بقوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ١٧] ولم يُبيِّن ما وجهُ ذلك، فما وجهُه؟

ففكَّرتُ فلم أجد جوابًا. فقال: وجهُه أن الإشارة بذي القُرب هاهنا قد يُتوهَّم فيها القُرب بالمكان، والله تعالى يتقدَّس عن ذلك، فلما أشار بذي البُعد أعطى بمعناه أن المُشِير مُبايِنٌ للأمكنة وبعيدٌ عن أن يُوصَف بالقُرب المكاني، فأتى البُعدُ في الإشارة مُنبِّهًا على بُعد نسبة المكان عن الذات العَلِيَّة، وأنه يبعدُ أن يحِلَّ في مكان أو يُدانِيه" (٤).


(١) الفقيه النحوي المفتي الشهير، أحد شيوخ الشاطبي الكبار، لكن حدث بينهما خلاف بسبب اختيار الشاطبي في مبحث البدعة، وستأتي الإشارة إلى ذلك في الفصل الخامس من كتابنا هذا، توفي سنة ٧٨٢ هـ. راجع ترجمته في: نفح الطيب ٥/ ٤٠٩؛ نيل الابتهاج، ص ٣٥٧.
(٢) ص ٤٠.
(٣) شرح التسهيل ١/ ٢٤٨.
(٤) الإفادات والإنشادات، ص ٩٣، ٩٤.

<<  <   >  >>