للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حُكمًا شرعيًّا، لم يمكن إهماله واطِّراحه، كما لا يمكن ذلك بالنسبة إلى النوع الأول، فهو إذًا معتبًرٌ، وهو المطلوب.

والثاني: أن الاستدلال بالشريعة على الأحكام إنما هو من جهة كونها بلسان العرب، لا من جهة كونها كلامًا فقط، وهذا الاعتبار يشمل ما دلَّ بالجهة الأُولى وما دلَّ بالجهة الثانية، هذا وإن قلنا: إن الثانية مع الأولى كالصفة مع الموصوف - كالفصل أو (١) الخاصة -، فذلك كلُّه غير ضائر.

وإذا كان كذلك، فتخصيص الأولى بالدلالة على الأحكام دون الثانية تخصيص من غير مخصص وترجيحٌ من غير مرجِّح، وذلك كلُّه باطل، فليست الأُولى إذ ذاك بأولى بالدلالة من الثانية، فكان اعتبارُهما معًا هو المتعيِّن.

والثالث: أن العلماء قد اعتبروها واستدلوا على الأحكام من جهتها في مواضع كثيرة، كما استدلوا على أن أكثر مُدة الحيض خمسةَ عشر يومًا بقوله: "تَمَكُثُ إِحداكُنَّ شَطَرَ دَهرِها لا تُصلِّي (٢)، والمقصود الإخبارُ بنقصان الدِّين، لا الإخبار بأقصى المُدة، ولكن المبالغة اقتضت ذِكر ذلك، ولو تُصُوِّرت الزيادة لتعرَّض لها.

واستدلَّ الشافعي - على تنجيس الماء القليل بنجاسة لا تُغيِّره - بقوله: : "إِذَا استَيْقَظَ أَحَدُكُم مِن نَومِهِ، فَلا يَغمِس يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغسِلَهَا" (٣) الحديث،


(١) في النشرة المعتمدة" (و)، والمثبت من نشرة (أيت)، ٣/ ٢١٨.
(٢) هذا الحديث بهذا اللفظ لا يثبت بوجه عند أهل الحديث. راجع ما ذكره عنه محقق النشرة المعتمدة.
(٣) أخرجه البخاري (١٦٢)، ومسلم (٢٧٨).

<<  <   >  >>