ثم تامّل مساندة الإمام علي رضي الله تعالى عنه للشيخين الإمامين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وتفكّر بها، فبعد هذا كله ستتيقن أن مثل هذه العلاقة الوطيدة بين الآل والأصحاب ليست خيالاً أو مبالغة.
لقد فات من يتهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بالنفاق والكفر أن عليًّا رضي الله عنه كان وزيراً لهما ومعيناً لهما، وقد قال «الباقر» رضي الله عنه: «العامل بالظلم والمعين له، والراضي به، شركاء ثلاث»(١).
ولا أعلم أحداً يُنكر أنّ عليّا رضي الله عنه كان وزيراً للشيخين، بل إنّ كثيراً ممن يطعنون بالشيخين، يثبتون وزارة علي لعمر رضي الله عنهما ومناصحته ويرددون القول المنسوب إلى عمر «لولا علي لهلك عمر»، ويستدلِّون به على رجاحة عقل علي رضي الله عنه وأرضاه، لكنهم في الوقت ذاته يغفلون عن قول «الباقر» السابق: «إنّ العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء»، وهم بهذا يتهمون علياً رضي الله عنه وأرضاه بتولي الظالمين والمشاركة في ظلمهم، أيقبل عاقل هذا؟
ولا سبيل لتنزيه علي رضي الله عنه وأرضاه من هذا الظلم إلا بتنزيه إخوانه الصحابة، وعلى رأسهم الشيخين أبي بكر وعمر من هذا الأمر.
فمن نسب إلى الصحابة الردة والكفر فقد جمع معهم علياً رضي الله عنه لأنه كان معيناً لهم في جميع أحواله.
(١) مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي (١٣/ ١٢٥) باب (تحريم معونة الظالمين ولو بمدة قلم) حديث رقم (١٦).