للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأقبل يبكي ثم جلس بين يديه ثم قام وليس لأبي جعفر حاجة سأله إياها إلا قضاها له وانصرف فلم يلتقيا حتى ماتا جميعاً رحمهما الله (١).

ولما لم يرق للوضَّاعين الزائغين تلك العلاقة الحميمة التي جمعت بين «الباقر» وعمر بن عبد العزيز، فبلغ من مكرهم وخبثهم أن نسبوا للباقر الطعن بعمر بن عبد العزيز، وهم في ذلك ينسبون إلى «الباقر» النِّفاق من حيث لا يشعرون، فهو إن لقي عمر كان له ناصحاً محبًّا، وإن غاب عنه كان طاعناً ذامّاً.

فقد روى الراوندي عن أبي بصير قوله: «كنت مع «الباقر» عليه السلام في المسجد، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز، عليه ثوبان ممصران متكئاً على مولى له فقال عليه السلام: ليلينَّ هذا الغلام، فيُظهر العدل، ويعيش أربع سنين، ثم يموت فيبكي عليه أهل الأرض، ويلعنه أهل السماء» (٢).

والرواية سالفة الذكر بينة الوَضع لأمرين:

أولاً: نسبتها علم الغيب للإمام «الباقر»، والله سبحانه هو المستأثر وحده بعلم الغيب، فحتى نبيُّ الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، على ما لديه من الكرامة عند الله عز وجل قد قال الله تعالى فيه: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ


(١) تاريخ دمشق (٥٤/ ٢٧٠).
(٢) الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي (١/ ٢٧٦).

<<  <   >  >>