﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾ [المنافقون: ١١]، وكقوله ﷺ:"يكتب للولد في بطن أمه: رزقه، وعمله، وأجله"(١). فقال البغوي عند قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ﴾ [فاطر: ١١] الآية: "إن هذا يعني عدم التأخر إذا حضر الأجل، فأما ما قبل ذلك، فيجوز أن يزاد وينقص، وقرأ ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: ٧٠] ".
وقال النووي:"إذا علم الله تعالى أَنَّ زَيْدًا مثلًا يموت سنة خمس مئة، استحال أن يموت قبلها أو بعدها، فاستحال أن يكون الآجال التي عليها علم الله أن يزيد وينقص؛ فيتعين تأويل الزيادة بأنها بالنسبة إلى مَلَك الموت أو غيره ممن وكل بقبض الأرواح، وأُمِرَ بالقبض بعد آجال محدودة، فإنه تعالى بعد أن يأمره بذلك أو يثبت في اللوح المحفوظ ينقص أو يزيد على ما سبق به علمه في كل شيء، وهو معنى قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، وعلى ما ذكر يحمل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ [الأنعام: ٢]، فالإشارة بالأجل الأول إلى اللوح المحفوظ وما عند ملك الموت وأعوانه، وبالأجل الثاني إلى قوله: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ " انتهى. وهو تحقيق في نهاية تدقيق.
(١) أخرجه البخاري (٣٢٠٨) ومسلم (٢٦٤٣) من حديث ابن مسعود.