للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليس في هذا كله ما يناقض قول الإمام النووي حيث قال في "الأذكار": عن الربيع بن خثيم أنه: "لا تقل: أستغفر الله وأتوب إليه، فيكون ذنبًا وكذبًا إن لم تفعل، بل قل: اللهم اغفر لي، وتب علي".

قال النووي: "هذا أحسن، وأما كراهة "أستغفر الله"، وتسميته كذبًا، فلا يوافق عليه، لأن معنى أستغفر الله: أطلب المغفرة من الله، وليس هذا كذبًا".

قال: "ويكفي في رده حديث ابن مسعود بلفظ: "من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه، وإن كان فر من الزحف"، أخرجه أبو داود، والترمذي، وصححه الحاكم" (١).

وقال ميرك: "هذا في لفظ: "أستغفر الله"، وأما "أتوب إليه" فهو الذي عني الربيع أنه كذبٌ، وهو كذلك إذا قاله، ولم يفعل التوبة كما قال، وفي الاستدلال للرد عليه بحديث ابن مسعود نظر؛ لجواز أن يكون المراد منه ما إذا قالها وفعل شرط التوبة، ويحتمل أن يكون مراد الربيع مجموع اللفظين لا خصوص "أستغفر الله"، فيصح كلامه كله".

قلت: ويدل عليه عدوله عنهما بقوله: "اللهم اغفر لي، وتب علي".

والتحقيق أنه لم يرد به الذنب الشرعي الحقيقي، بل قصد التقصير الطريقي، والتنبيه على أن الدعاء حال الغفلة، أولى من الأذكار بلفظ الإخبار، خصوصًا عن التوبة، والله أعلم.


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>