للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم الفقر أسلم بالنسبة إلى الغنى؛ حيثما يَجُرُّ الغِنَى إلى الطغيان والسلطنة، والفقر إلى الغَناءِ والمسكنة.

ولهذا وقعت ترْبيَةُ الله لأكثر الأنبياء ولعامَّة الأولياء بوصف الفقر الظاهري والغِنَى الباطني دُون أرباب الدنيا، حيث ابْتُلُوا بالغِنى الظاهري والفقر الباطني.

ولذا قال بعض الشراح عند قوله "ومن شرّ فتنة الفقر": "كالحسد على الأغنياء، والطمع في أموالهم، والتذلل لهم بما [يتدنَّسُ] (١) به عِرْضُه، وينثلم به دينُهُ، وعدم الرضى بما قسم الله له، إلى غير ذلك مما لا يحمد عاقبته".

وقال الطيبي: "إن فسرتَ الفتنة بالمحنة والمصيبة، فشرّها أن لا يصبر الرجل على لَأْوائِهَا، ويجزع من بلائها، وإن فسَّرْتَ بالامتحان والاختبار، فشرها أن لا يحمد في السراء والضراء".

وقال الغزاليّ قدس سره العاليّ: "فتنة الغِنى الحِرْصُ على جمع المال وحُبه على أن يكسبه من غير حله، ويمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه، وفتنة الفقر: يراد به الفقر الذي لا يَصْحبُه صَبْر ولا ورع، حتى يتورَّط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة، ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب"، نقله التوربشتي (٢).


(١) كذا في (ب) و (ج) و (د)، وفي (أ): "يدنس".
(٢) فتح الباري (١١/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>