للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وَالْأَرْضِ﴾ بكونه منور السماوات والأرض، وهادي أهل السماوات والأرض، فبنوره اهتدى أهل السماوات والأرض، وهذا إنما هو فعله، وإلا فالنور الذي هو من أوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور، الذي هو أحد الأسماء الحسني، والنور يضاف إليه سبحانه علي أحد وجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله … ثم قال: وفي معجم الطبراني، والسنة له، وكتاب عثمان الدارمي وغيرها عن ابن مسعود قال: (ليس عند ربكم ليل ولا نهار، ونور السماوات والأرض من نور وجهه).
وهذا الذي قاله ابن مسعود أقرب إلى تفسير الَاية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السماوات والأرض، وأما من فسرها بأنه منور السماوات والأرض فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود. والحق أنه نور السماوات والأرض بهذه الاعتبارات كلها. وقال أيضا: إن النور جاء في أسمائه تعالى، وهذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول، وأثبتوه في أسمائه الحسني، ولم ينكره أحد من السلف، ولا أحد من أئمة أهل السنة. ومحالٌ أن يسمِّي نفسه نورًا، وليس له نور، ولا صفة النور ثابتة له؛ كما أن من المستحيل أن يكون عليمًا قديرًا سميعًا بصيرًا، ولا علم له ولا قدرة … وقال كذلك: فكونُ النور اسمًا من أسمائه تعالى، أو وَصْفًا من أوْصَافه، لا يمنع أن يكون منوِّرًا لغيره، ومُدَبِّرًا لأمره، وهاديًا له؛ لأن من معاني كونه -سبحانه- نورًا أن يكون مُنَوِّرَ السمواتِ والأرضِ، ومُدَبِّرَ الأمر فيهما، وهاديَ أهلهما بنوره، الذي منه قِوامُهُمَا، ومنه نِظامُهُمَا. وقال أيضا: وقد عُلِمَ أن كل ما هو نورٌ فهو مُنَوِّرٌ لغيره، فهما متلازمان. انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية علي غزو المعطلة والجهمية لابن القيم (٢/ ٤٦) طبع في عام ١٤٠١ هـ والتفسير القيم (ص ٣٧٥، ٣٧٦). وانظر كذلك مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>