للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبار محنة الدنيا ونعمتها، فإن الدنيا كما ورد: "سجن المؤمن" (١).

(ولذة النظر إلى وجهك) أي: إلى ذاتك يوم لقائك، وقيد النظر باللذة؛ لأن النظر إلى الله تعالى، إما نظر هيبة وجلال في عَرَصات القيامة، وإما نظر لطف وجمال في الجنة ليؤذن بأن المطلوب هذا (٢)، قيل: "ويمكن أن يقال: النظر إلى الله تعالى إما مقارن للندامة والاستحياء عن المعاصي الواقعة عن [النظر] (٣) في الدنيا، وإما غير مقارن لها، بل هو مقارن للانشراح والابتهاج، واللذة إنما هي في الثاني، [فالتقييد] (٤) بها لإفادة ذلك".

(وشوقًا إلى لقائك) أي: إلى وصولك، أو إلى رؤيتك (في غير ضراء مضرة) بصيغة الفاعل، والضراء: الحالة التي تضر، وهي نقيض السراء، والجار والمجرور متعلق بقوله: "وشوقًا"، أي: أسألك شوقًا لا يؤثر في سيري وسلوكي؛ بحيث يمنعني عن ذلك، وإن ضرني مضرةً ما، كذا قيل، فالنفي متوجه إلى القيد، والأظهر أن المعنى: وشوقًا إلى لقائك في حالة غير ضراء مضرة لي أو لأتباعي، فالنفي متوجه إلى القيد والمقيدِ جميعًا، (ولا فتنة مضلة) أي: ولا محنة وبلية تصير سبب إضلالي، أو


(١) أخرجه مسلم (٢٩٥٦) من حديث أبي هريرة به مرفوعًا.
(٢) أورده الشارح في مرقاة المفاتيح (٥/ ١٧٣٥)، وعزى هذا القول للطيبي.
(٣) كذا في (ب) و (د)، وفي (أ) و (ج): "الناظر".
(٤) كذا في (ب) و (د)، وفي (أ): "فالتقيد"، وفي (ج): "فالتقدير".

<<  <  ج: ص:  >  >>