للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، وعن خلفي نورًا) اختصار لما وقع في الحديث المتفق عليه: "اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن [يساري] (١) نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا"، والمقصود من ذلك كله الإحاطةُ، كما يدلُّ عليه قوله: (واجعل لي نورًا) أي: نورًا عظيمًا محيطًا بجميع الأعضاء، فكأنه إجمال بعد تفصيل، وفذلكة وتذييل.

قال القرطبي (٢): "هذه الأنوار يمكن حملها على ظاهرها، فيكون سأل الله تعالى أن يجعل له في كلّ عضو من أعضائه نورًا يستضيء به من ظلمات يوم القيامة، هو ومن يتبعه ممن شاء الله منهم"، قال: "والأولى أن يقال: هي مستعارة للعلم والهداية، كما قال تعالى: ﴿فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢]، ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ [الأنعام: ١٢٢] ثم قال: "والتحقيق في معناه: أن النور يظهر ما ينسب إليه، وهو يختلف


(١) كذا في (أ) و (ج) و (د)، وفي (ب): "شمالي".
(٢) هو: أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري، أبو العباس الأندلسي ثم القرطبي نزيل الإسكندرية، من أعيان فقهاء المالكية في زمانه، وهو شيخ أبي عبد الله القرطبي صاحب "التفسير"، كان جامعًا لعلوم الحديث والفقه والعربية، واختصر صحيحي البخاري ومسلم، وشرح مختصره على "صحيح مسلم" وسماه: "المفهم" فأحسن فيه وأجاد، ولد سنة ٥٧٨، وتُوفِّي سنة ٦٥٦. راجع ترجمته في: "تاريخ الإسلام" للذهبي (٤٨/ ٢٢٥)، و"الوافي بالوفيات" للصفدي (٧/ ٢٦٥ - ٢٦٤)، و"الديباج المذهب" لابن فرحون (ص ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>