للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون الماضي؛ لأنه طلب والطلب في الماضي محال، فيكون مقتضى هذا الدعاء أن يقع تقدير الله تعالى في المستقبل من الزمان، والكل تعالى يستحيل عليه استئناف التقدير، بل وقع جميعه في الأزل، فيكون هذا الدعاء يقتضي مذهب من يرى أنه لا قضاء، وأن الأمر أنف، كما خرجه مسلم عن الخوارج وهو فسق بإجماع.

فإن قلت: قد ورد الدعاء بلفظ "اقدر" في حديث الاستخارة، فقال فيه: "واقدر لي الخير حيث كان"؟

قلت: يتعين أن يعتقد أن التقدير أريد به التيسير على سبيل المجاز، فالداعي إذا أراد هذا المجاز جاز، وإنما يحرم الإطلاق عند عدم النية"، انتهى.

والأظهر أن يقال: إنما يحرم إذا أراد تغيير التقدير، أو استئناف التقدير لا عند عدم النية، لا سيما وقد ورد هذا الدعاء في السنة، ولا كل أحد مطلع على هذه الدقيقة، فبمجرد عدم النية لا يتحقق الحرمة.

هذا، وقد يقال: معنى "واقدر لي الخير" أظهر تقديرك الخير لي في هذا الأمر، وبيِّنْ وجهه لينكشف لي الخير والشر، ولا يبعد أن يكون مثل هذا الأمر معلقًا بدعاء العبد، فيقع على مقتضاه؛ فإن القدر جزئيات لكليات القضاء، أو بالعكس على خلاف فيه كما حقق في زيادة العمر، ورد القضاء بالدعاء، وفي قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>