للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتحذر منها، ثم تحذر منها، وتكون معرفتها زادا لك وسلاحا في وجه المشركين.

فلقد كان البشر قبل البعثة المحمدية في جاهلية وشر، ثم أتى الله سبحانه بهذا الخير العظيم (دين الإسلام) كما روى البخاري ومسلم - واللفظ له- عن حذيفة بن اليمان قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: " نعم " فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دَخَن " قال: قلت: وما دَخَنه؟ قال: " قوم يستنُّون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر " قلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها " فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: " نعم، هم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا " قلت: فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم " فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك» (١) وفي رواية أخرى لمسلم (٤٧٨٥) : «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس» .

فالجاهلية كانت قبل البعثة، وقد يتلبس الإنسان المسلم بشيء من صفات الجاهلية، فيقال فيه: «إنك امرؤ فيك جاهلية» (٢) وكمثل الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، ويأتي الكلام على ذلك في أبواب الكتاب بإذن الله، وهذه لا يكفر صاحبها، فهي من أبواب الكبائر، أما التي يكفر صاحبها فمثل: دعاء غير الله، وطاعة العلماء والحكام في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله.

ويأتي الكلام على هذا مفصلا بمشيئة الله، ويعرف كل من النوعين المكفِّر وغير المكفِّر بالدليل الشرعي من كتاب وسنة، وما كان عليه سلف الأمة رضوان الله عليهم.


(١) متفق عليه: رواه البخاري في (المناقب علامات النبوة في الإسلام: ٣٦٠٦) ، ومسلم في (الإمارة: ٤٧٨٤) .
(٢) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك لأبي ذر، وتأتي القصة في المسألة [٨٥] من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>