للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: ١٢٠] ففي هذا تهديد شديد ووعيد أكيد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعدما علموا من القرآن والسنة، والخطاب مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد أمته (١) .

وقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} [البقرة: ١٢٠] ولم يقل: دينهم؛ لأن ما هم عليه مجرد أهواء نفس، ومن ترك الدين اتبع الهوى لا محالة (٢) .

قال أبو العباس رحمه الله: (ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك) (٣) .

قال الله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [التوبة: ٦٩]

قال أبو العباس: (ثم قوله: فاستمتعتم وخضتم خبر عن وقوع ذلك في الماضي، وهو ذم لمن يفعله إلى يوم القيامة، كسائر ما أخبر الله به عن الكفار والمنافقين عند مبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه ذم لمن حاله كحالهم إلى يوم القيامة) (٤) .

وصف المتشبهين بما يفيد شناعة فعلهم: كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه» (٥) .


(١) انظر: تفسير ابن كثير عند تفسير الآية الكريمة.
(٢) التفسير الوجيز ص (٢٢) .
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (١ / ٨٥ - ٨٦) .
(٤) الاقتضاء (١ / ١٠٤ - ١٠٥) .
(٥) رواه البخاري في (الديات من طلب دم امرئ بغير حق: ٦٨٨٢) .

<<  <   >  >>