للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قاعدة كلية عامة: أن هذه الأمة ستتبع سَنَن من كان قبلها. ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها: شبرا بشبر، وذراعا بذراع. " فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ فقال: " ومن الناسُ إلا أولئك؟» (١) وقوله: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَن من كان قبلكم شبرا شبرا، وذراعا ذراعا، حتى لو دخلوا جُحْر ضَبٍّ تبعتُموهم» (٢) .

وفي ذلك مسائل:

الأولى: العلم بذلك.

الثانية: الحذر الشديد من مشابهة المشركين في أي شيء.

الثالثة: الخوف الشديد من أن يتشبه بهم من غير قصد، ففيه:

الرابعة والخامسة: أهمية العلم، والخسارة العظيمة بفقدانه.

السادسة: أنه صلى الله عليه وآله وسلم يخاف على أمته اتباعهم، فلذلك قال ما قال على جهة التعيير والتوبيخ.

السابعة: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «شبرا بشبر، وذراعا بذراع» كناية عن شدة الموافقة لهم في الكفر والمعاصي، وهو خبر معناه النهي عن اتباعهم، ومنعهم من الالتفات لغير دين الإسلام، وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من تشَبَّه بقوم فهو منهم» (٣) .

والتشبه يشمل كل شبه يكون في الأعياد والأخلاق والملابس والكلام وغير ذلك.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليَّ ثوبين معصفرين فقال: " إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلْبَسْها» (٤) والأمر يطول في هذا، ولعل فيما ذكرنا كفاية إن شاء الله.


(١) رواه البخاري: في (الاعتصام قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم ": ٧٣١٩) .
(٢) متفق عليه: رواه البخاري - واللفظ له - برقم (٧٣٢٠) ، ومسلم في (العلم: ٦٧٨١) .
(٣) حسن صحيح: رواه أبو داود في (اللباس في لبس الشهرة: ٤٠٣١) .
(٤) رواه مسلم: في (اللباس: ٥٤٣٤) ، والعصفر: نبات يصبغ به، وقد عصفرت الثوب فتعصفر. انظر: " لسان العرب " مادة: " عصفر ".

<<  <   >  >>