تعلقها (١) بكل كائن عن الرد، وينصرف الرد إلى دعواهم سلب الاختيار لأنفسهم، وأن إقامتهم الحجة بذلك خاصة.
وإذا تدبرت الآية وجدت صدرها دافعا لصدور الجبرية، وعجزها معجزا للمعتزلة، إذ الأول مثبت أن للعبد اختيارا وقدوة على وجه يقطع حجته وعذره في المخالفة والعصيان، والثاني مثبت نفوذ مشيئة الله تعالى في العبد، وأن جميع أفعاله على وفق المشيئة الإلهية، وبذلك تقوم الحجة لأهل السنة على المعتزلة، والحمد لله رب العالمين.
ومنهم من وجه الآية بأن مرادهم رد دعوة الأنبياء عليهم السلام على معنى أن الله تعالى شاء شركنا، وأراده منا، وأنتم تخالفون إرادته، حيث تدعونا إلى الإيمان، فوبخهم سبحانه وتعالى بوجوه عدة:
منها: قوله سبحانه: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام: ١٤٩] فإنه بتقدير الشرط، أي: إذا كان الأمر كما زعمتم {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}[الأنعام: ١٤٩]
وقوله سبحانه:{فَلَوْ شَاءَ}[الأنعام: ١٤٩] بدلا منه على سبيل البيان، أي: لو شاء لدل كلا منكم ومن مخالفيكم على دينه، لو كان الأمر كما تزعمون لكان الإسلام - أيضا - بالمشيئة، فيجب أن لا تمنعوا المسلمين من الإسلام، كما وجب بزعمكم ألا يمنعكم الأنبياء عن الشرك، فيلزمكم أن لا يكون بينكم وبين المسلمين مخالفة ومعاداة، بل موافقة وموالاة.
وحاصله: أن ما خالف مذهبكم من النِّحَل يجب أن يكون عندكم حقا؛ لأنه بمشيئة الله تعالى، فيلزم تصحيح الأديان المتناقضة.