ومنها: أن يُظْهِر أثر حكمته في المخلوقات بوضع كل منها في موضعه الذي يليق به، ومجيئه على الوجه الذي تشهد العقول والفطر بحسنه، فتشهد حكمته الباهرة.
ومنها: أنه سبحانه يحب أن يجود وينعم، ويعفو ويغفر ويسامح، ولا بد من لوازم ذلك خلقا وشرعا.
ومنها: أنه يحب أن يُثْنَى عليه، ويمدح ويمجد، ويسبح ويعظم.
ومنها: كثرة شواهد ربوبيته ووحدانيته وإلهيته.
إلى غير ذلك من الحِكَم التي تضمنها الخَلْق، فخَلَقَ مخلوقاته بسبب الحق، ولأجل الحق، وخلقها ملتبس بالحق، وهو في نفسه حق، فمصدره حق، وغايته حق، وهو يتضمن الحق.
وقد أثنى على عباده المؤمنين حيث نزهوه عن إيجاد الخلق، لا لشيء ولا لغاية، فقال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ}[آل عمران: ١٩٠ - ١٩١]
وأخبر أن هذا ظن أعدائه، لا ظن أوليائه، فقال:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}[ص: ٢٧]
وكيف يتوهم أنه عرفه من يقول: إنه لم يخلق الخلق لحكمة مطلوبة له، ولا أمر لحكمة، ولا نهى لحكمة، وإنما يصدر الخلق والأمر عن مشيئة وقدرة محضة، لا لحكمة ولا لغاية مقصودة؟!