خالفهم في مسيئلات يسيرة، وكان تام المعرفة باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألفه.
وكان واسع الحفظ للشعر القدين والمحدث والأخبار الطوال والسير، والتفسير. وكان شاعراً كثير الشعر جيده، خطيباً حسن الخطابة والتفوه بالكلام، لَسِناً صالح الحفظ والترسل في الكتابة والبلاغة في المخاطبة، وكان ورعاً متخشعاً في الحكم؛ وتقلد القضاء بالأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله الناصر لدين الله تعالى سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلد للناصر مرة أخرى، ثم تقلد للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل للمكتفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها. ثم قلده المقتدر بالله تعالى سنة ست وتسعين ومائتين بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور من مدينة السلام والأنبار وهيت وطريق الفرات، وأضاف إلى ذلك بعض سنين القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها، وهو محمد بن خلف المعروف بوكيع، فما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها سنة سبع عشرة وثلثمائة.
قال أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول: كنت مع أبي في جنازة بعض أهل بغداد من الوجوه، وإلى جانبه [في الحق] أبو جعفر الطبري، فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة ويسليه، وينشده أشعاراً، ويروي له أخباراً، فداخله الطبري في ذلك، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة، وخرجا إلى فنون كثيرة من الأدب والعلم واستحسنها الحاضرون وأعجبوا بها، وتعالى النهار، وافترقنا؛ فلما جعلت