وقال أبو الحسن محمد بن علي العلوي: كان المتنبي وهو صبي ينزل في جواري الكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقا، يستقي لنا ولأهل المحلة. ونشأ هو محباً للعلم والأدب والقراءة، وأكثر من ملازمة الوراقين، فأخبرني وراق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان السقا! قلت له: كيف؟ قال: اليوم كان عندي، وقد أحضر رجل كتاباً من كتب الأصمعي يكون نحوُا من ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلاً، فقال له الرجل: أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه، فهذا يكون إن شاء الله تعالى بعد شهر، قال: فقال له ابن عبدان: فإن كنت حفظته في هذه المدة، فما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب، قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي إلى آخره، ثم استلبه، فجعله في كمه وقام، فتعلق به صاحبه، وطالب بماله، فقال له: مالك إلى ذلك سبيل، وقد وهبته لي. قال: فمنعناه منه، وقلنا: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام، فتركه عليه.
وقال أبو الحسن: كان عبدان والد أبي الطيب يذكر أنه جعفي، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب، لا شك فيها، وكانت جارتنا، وكانت من صلحاء النساء الكوفيات.
وذكر القاضي أبو الحسن بن أم شيبان الهاشمي الكوفي، أن عبدان كان جعفياً صحيح النسب. قال: وكان المتنبي لما خرج إلى كلب، وأقام فيهم، ادعى أنه علوي، ثم ادعى النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي، إلى أن أشهد عليه في الشام بالتوبة وأطلق.
قال أبو علي بن حامد: سمعت خلقاً بحلب يحكون أن أبا الطيب المتنبي تنبأ