في بادية السماوة ونواحيها إلى أن خرج إليه لؤلؤ - أمير حمص من قبل الإخشيدية - فقاتله وأسره، وشرد من كان قد اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه في السجن دهراً طويلاً حتى كاد يتلف، فسئل في أمره، فاستتابه وكتب عليه وثيقة، وأشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه إلى الإسلام، وأطلقه. قال: وكان قد تلا على البوادي كلاماً زعم أنه قرآن أنزل عليه، وكانوا يحكون له سوراً كثيرة، نسخت منها سورة، ثم ضاعت، وبقي أولها في حفظي وهو:"والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امضِ على سننك، واقف أثر من قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك من ألحد عن دينه، وضل عن سبيله". وقال: وهي طويلة لم يبق في حفظي فيها غير هذا.
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة - ونحن إذ ذاك بحلب - نذكر له مما كان يحكى عنه فينكره ويجحده.
وقال له ابن خالويه النحوي يوماً في مجلس سيف الدولة: لولا أن أخي جاهل، لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن معنى المتنبئ كاذب، ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل، فقال له: لست أرضى أن أدعى بذلك، وإنما يدعوني به من يريد الغض مني، ولست أقدر على المنع.
قال التنوخي: قال لي أبي: فأما أنا؛ فسألته بالأهواز [في سنة أربع وخمسين وثلثمائة عند اجتيازه بها إلى فارس، في حديث طويل جرى بيننا] عن معنى المتنبئ،