لأني أردت أن أسمع منه: هل تنبأ أم لا؟ فجاوبني بجواب مغالط؛ وقال: إن هذا شيء كان في الحداثة، فاستحييت أن أستقصي عليه، فأمسكت.
قال: قال لي أبو علي بن أبي حامد ونحن بحلب - وقد سمع قوماً يحكون عن أبي الطيب هذه السورة التي قدمنا ذكرها: لولا جهله! أين قوله: "امض على سننك ... " إلى آخر الكلام، من قوله عز وجل:] فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين [، إلى آخر الآيات! وهل تتقارب الفصاحة، أو يشتبه الكلامان!
ويحكى أن أبا الطيب اجتمع هو وأبو علي الفارسي، فقال له أبو علي: كم جاء من الجمع على وزن فعلى؟ فقال: حجلى، ظربى، جمع حجل وظربان. قال أبو علي: فسهرت تلك الليلة التمس لها ثالثاً فلم أجد، وقال في حقه: ما رأيت رجلاً في معناه مثله! وهذا من مثل أبي علي كثير في حق المتنبي.
ويحكى أنه لما أنشد سيف الدولة بن حمدان قوله [في مطلع بعض قصائده] :
وفاؤكما كالريع أشجاه طاسمه
كان هناك ابن خالويه، فقال له: يا أبا الطيب، إنما يقال: شجاه - توهمه فعلاً ماضياً - فقال أبو الطيب: اسكت فما وصل الأمر إليك.