[موالاة المؤمنين ومعاداتهم بحسب ما فيهم من الخير والشر]
أيضاً: إذا اجتمع في الرجل الواحد شر وخير، وفجور وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، فهذا خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فهو يستحق من الموالاة بقدر ما فيه من الخير، ويستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فقد يجتمع في الإنسان الواحد بعض موجبات الإكرام وبعض موجبات الإهانة.
فالمسلم مثلاً قد تقطع يده بسبب سرقته؛ ولكنه مع ذلك يعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، والدليل على هذا المعنى وهو أن المسلم قد يحب من وجه ويبغض من وجه، يحب لإسلامه ويبغض لفسقه أو بدعته أو معصيته، حديث عبد الله بن حمار، الذي كان يضحك الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يؤتى به كثيراً وقد شرب الخمر، فكان يقام عليه الحد، والمفروض أن الإنسان متى أقيم عليه الحد فلا يعير به ولا يشنع عليه، ولا يلام؛ لأن هذا الحد يطهره من المعصية، فلما أتي به يوماً قال رجل من الحاضرين:(لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله).