للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأخوة: أخوة الدين والعقيدة]

هذه الرابطة رابطة الأخوة في الإسلام هي التي تكون بين المسلمين، ويكون عليها الولاء والبراء، فقد بين الله سبحانه وتعالى أن الإسلام هو الذي يربط بين أفراد المجتمع الإسلامي دون غيره من الروابط؛ لأنه يجعل المؤمنين كالجسد الواحد، يقول الشنقيطي رحمه الله: فربط الإسلام لك بأخيك كربط يدك بمعصمك، ورجلك بساقك.

وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

ولذلك يذكر في القرآن الكريم النفس وليس المقصود نفسك أنت، لكن المقصود بها إخوانك المؤمنين، يقول الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:١٨٨] يعني: لا تأكلوا أموال إخوانكم، فنسبها إليكم، فالله عز وجل يطلق النفس على الإخوة تنبيهاً على أن رابطة الإسلام تجعل أخا المسلم كنفسه كقوله تعالى: {وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [البقرة:٨٤] يعني: ولا تخرجون إخوانكم، وكقوله سبحانه لبني إسرائيل: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة:٥٤] يعني: فليقتل بعضكم بعضاً، وهذه كفارة ما فعلوه، وقال عز وجل: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور:١٢] يعني: بإخوانهم فعبر عن الإخوان بالأنفس.

كذلك قوله عز وجل: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ} [النور:٦١] يعني: على إخوانكم، فعبر عن الإخوان بالأنفس.

وقال سبحانه وتعالى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات:١١] يعني: لا تلمزوا إخوانكم، على أصح التفسيرين.

وقوله تعالى كما ذكرنا: ((وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ) أي: لا يأكل أحدكم مال أخيه، إلى غير ذلك من الآيات.

كذلك ثبت في الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

وفي رواية: (من الخير) الدالة على أن هذه الرابطة، رابطة الإسلام هي الأصل بين المسلمين، وهذه الرابطة تتلاشى أمامها جميع الروابط النسبية والعصبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>