١٤٧ - وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قَالَ:" مر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقبرين فَقَالَ: إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير! أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يسْتَتر من الْبَوْل، وَأما الآخر فَكَانَ يمشي بالنميمة، ثمَّ أَخذ جَرِيدَة رطبَة فَشَقهَا نِصْفَيْنِ فغرز فِي كل قبر وَاحِدَة. قَالُوا يَا رَسُول الله لم فعلت هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا " مُتَّفق عَلَيْهِ، وَلَفظه للْبُخَارِيّ، وَقد رُوِيَ بِثَلَاثَة أَلْفَاظ: يسْتَتر، ويتنزه، ويستبرئ، فالأولان: مُتَّفق عَلَيْهِمَا، والأخير: انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ.
ثم ذكر هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مر بقبرين فقال:«إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير» يعني معنى كبير عندهما وأنهم يعتبرونه شيئا سهلا وهو كبير وعظيم فقال: «أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول» وهذا محل الشاهد لأن فيه إزالة النجاسة وأنه يعذب بسبب عدم تنزهه من البول وعدم تحرزه من البول فبين -صلى الله عليه وسلم- أنهما يعذبان وبين سبب العذاب أحدهما كان يمشي بالنميمة والثاني كان لا يستبرئ من البول فدل هذا على التنزه من البول وأن التساهل فيه وأن حصوله من الإنسان أنه لا يستبرئ من البول أن هذا مما يكون سببا في العذاب في القبر والرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذ جريدة رطبة وشقها قطعتين ووضع على كل قبر قطعة وبين السبب قال:«لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» يعني في حال رطوبتهما يخفف عنهما وهذا الذي حصل خاص بالرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز لأحد أن يفعل كما فعل بأن يأتي ويضع على القبور جرائد رطبة أو كذلك زهور أو ما إلى ذلك فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز وهذا الذي حصل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاص به لأنه عرف أن صاحب القبر يعذبان وعرف سبب العذاب فعمل هذا العمل وغيره لا يعلم قد يكون منعم وقد يكون معذب فلا يقال إن هذا يفعله الناس ويقتدي الناس بالرسول -صلى الله عليه وسلم-
لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عرف المعذبين وعرف سبب العذاب وحصل هذا الشيء وقال لعله يخفف أما غيره فلا يعلم هل هو معذب أو غير معذب ولا يفعل شيئا الاحتياط يقول إن كان معذب فإن ذلك ينفعه لا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما أرشد إلى أن الناس يفعلون هذا وإنما فعله ومعلوم أن ما يحصل منه -صلى الله عليه وسلم- مما يختص به ومما يتميز به على غيره من أمته -صلى الله عليه وسلم-.