٢١٦ - وَعَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء:" أَنه كَانَ جَالِسا مَعَ نفر من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذَكرنَا صَلَاة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ أَبُو حميد السَّاعِدِيّ: أَنا كنت أحفظكم لصَلَاة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَيْته إِذا كبر جعل يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا ركع أمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ ثمَّ هصر ظَهره فَإِذا رفع رَأسه اسْتَوَى حَتَّى يعود كل فقار مَكَانَهُ، فَإِذا سجد وضع يَدَيْهِ غير مفترش وَلَا قابضهما واستقبل بأطراف أَصَابِع رجلَيْهِ الْقبْلَة، فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ جلس عَلَى رجله الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى، وَإِذا جلس فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة قدم رجله الْيُسْرَى وَنصب الْأُخْرَى وَقعد عَلَى مقعدته " رَوَاهُ البُخَارِيّ.
ثم ذكر هذا الحديث عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه وكانوا في مجلس يتذاكرون أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو حميد رضي الله عنه: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال هذا ليس معناه أنه يفتخر عليهم وإنما يريد أن يعرفوا أن عنده علم وأنه متمكن من معرفة كيفية صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى يأخذوها عنه هذا هو المقصود الذي جعله يقول هذا الكلام ويقول أنا أحفظكم يعني حتى يستعدوا ويتهيؤوا لمعرفة هذه الكيفية التي جاء بها أبو حميد رضي الله عنه وأنها مطابقة لما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، «رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه» وهذا يدل على أن الإنسان عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه حتى تكون حذو منكبيه وقد جاء في بعض الروايات كما سيأتي أنها تكون حيال أذنيه ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام سواء حذو المنكبين أو حيال الأذنين كل ذلك جاءت به السنة فأي فعل من هذا الذي ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كله سائغ وجائز، «وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره» يعني يضع يديه على ركبتيه حتى يعتمد عليهما وهصر ظهره معناه حناه وسيأتي في حديث أنه لا يخفض رأسه ولا يصوبه وإنما يكون مؤخره مقدم كله على حد سواء متساوي يعني رأسه مساو مع مؤخره فهذه الكيفية التي يكون فيها الركوع، «فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه» يعني معناه إذا رفع رأسه من الركوع يقوم ما يعمله بسرعة ويسجد وإنما حتى يستقر قائما وحتى يرجع كل ما كان على حاله التي كان عليها قبل الركوع، «فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما» فإذا سجد وضع يديه على الأرض غير مفترش بأن يضع يده من مرفقه إلى كفه على الأرض هذا افتراش الكلب وقد جاء النهي في ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأيدي ليست مقبوضة وإنما هي مبسوطة ولا يعملها مقبوضة بحيث يجعل الأصابع في داخل الراحة وإنما مبسوطة قال غير مفترش يعني لا يفعل كهيئة الكلب بأن يفترش يضع ذراعه كلها من مرفقه إلى أطراف أصابعه ولا قابضهما بمعنى أنه يقبضهما بحيث يكون أطراف الأصابع إلى داخل اليدين وإنما وضعهما على الأرض وهما مبسوطتان، وفي حال سجوده يستقبل بأصابع رجليه القبلة يسجد على الرجلين بحيث تكون أصابع رجليه إلى القبلة وإذا كان الإنسان لا يستطيع أو أنه ما تنعطف أصابعه فإنه عليه أن يضع أصابع رجليه على الأرض أما إذا كانت تنحني وتنعطف بحيث تكون أطرافها إلى القبلة فإن هذا هو الذي يفعله لكن إذا كان لا يستطيع ذلك بأن كأن رجليه متصلبة بحيث أصابعه لا تتحرك فإنه يكفيه أن يضعها على الأرض، ثم ذكر الكيفية في الجلوس للتشهد الأول وهو الافتراش وذلك بأن يفرش اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويجعل أصابعها إلى القبلة مثل ما حصل بالنسبة للسجود وهذا الافتراش يكون بعد الركعتين يعني في التشهد الأول من الصلاة التي لها تشهدان وهي ما عدا الفجر لأن كل الصلوات لها تشهدان ما عدا صلاة الفجر فإنها ركعتان وما فيها إلا تشهد واحد ففي التشهد الأول يفترش الرجل اليسرى ويجلس عليها واليمنى يجعلها منصوبة وأطراف أصابعها إلى الأرض هذه الكيفية التي تكون في التشهد الأول وأما ما يتعلق بالجلسة بين السجدتين فيكون فيها الافتراش كالتشهد الأول ويكون فيها الذي هو الإقعاء السائغ الذي جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان ينصب قدميه أحيانا ويجلس عليهما فإذًا جاءت السنة في أن الافتراش يكون بين السجدتين وفي التشهد الأول وجاءت السنة أيضا بأن الجلوس على العقبين ينصبهما ويجلس على عقبيه أحيانا جاءت السنة بهذا وبهذا وأما في التشهد الأول فإنه يفترش اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى، وإذا كان في الركعة الآخرة من ركعات الصلاة سواء كانت الركعتين الأخيرتين في الظهر والعصر والعشاء أو الركعة الأخيرة التي هي من المغرب فإنه ينصب اليمنى كما كان نصبها في التشهد الأول أما اليسرى فإنه يقدمها إلى جهة اليمين بحيث تدخل من تحت ساقه اليمنى ويجلس على مقعدته ولهذا قيل له تورك لأن وركه يكون على الأرض وهناك قيل له افتراش لأن وركه على رجله اليسرى.