ثم ذكر هذا الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابيًا جاء وبال في طائفة المسجد أي ناحية من نواحيه فحصل منه البدء بالبول فزجره الناس لأن هذا أمر عظيم فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نهاهم أن يزجروه وأن يتركوه حتى يكمل بوله ثم إنه بعدما فرغ صب عليه -صلى الله عليه وسلم- ذنوب من ماء وهي دلو كبيرة فطهرت ذلك المكان وهذا الذي أرشد إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي فيه المصلحة وذلك أنه لو قام بعد أن بدأ بالبول فإنه يتناثر البول على ثيابه وعلى جسده ويتناثر على بقع في المسجد فلا يهتدى إلى تلك الأماكن التي حصلت فيها النجاسة التي في المسجد ويحتاج إلى أن يغسل البقعة الكبيرة التي حصل فيها تقاطر البول من ذلك الأعرابي فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشد إلى أنهم يتركوه ولما فرغ صب على ذلك المكان المتنحي دلوا من ماء فطهر وهذا الحديث يدل للقاعدة المشهورة ارتكاب أخف الضررين في سبيل التخلص من أشدهما وذلك كونه بال في المسجد هذا ضرر ولكنه أهون من ما هو أشد منه وهو أن يذهب والبول يتقاطر ويتناثر هنا وهناك فيوسخ ثيابه
وجسده والأرض فهذا يدل لهذه القاعدة المشهورة وهي ارتكاب أخف الضررين في سبيل التخلص من أشدهما.