ثم ذكر هذا الحديث عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لا تشربوا بآنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة يعني الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وهذا للرجال والنساء وقال إن الكفار هم الذين يستعملونها في الدنيا وذلك يعني أنهم تعجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ليس لهم إلا النار ولهذا قال إنها لهم في الدنيا وليس المقصود أنها حلال لهم وإنما المقصود الواقع أنهم يستعملونها وأنهم يلبسونها وإلا فليس المقصود الحل لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فهم مطالبون بالأصول وهو التوحيد وإخلاص العبادة لله ومطالبون بالفروع وهي الأمور الشرعية التي عليهم أن يفعلوها مثل ما جاء في هذا الحديث فإن الكفار يستحلون ذلك ويقدمون على ذلك لأنهم تعجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ليس لهم إلا النار وأما المسلمون الذين تركوهما امتثالا لما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أنهم لا يأكلوا ولا يشربوا فيها يعني تكون لهم في الجنة ويتمتعون بها في الجنة ولهذا جاء في صحيح مسلم في أول حديث من كتاب الزهد أنه قال -صلى الله عليه وسلم-: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» فالكافر متعته ولذته في الحياة الدنيا وإذا مات ليس أمامه إلا النار بعد الموت ليس أمامه إلا النار أما قبل الموت فعنده جنته التي يتمتع فيها ويتلذذ بأنواع المطاعم والمآكل والمشارب وما إلى ذلك ولكن ليس له نصيب منها في الآخرة لأنها تعجل الطيبات وأما المؤمنون الذين تركوها امتثالا لما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والذين يحصل لهم النصب والمشقة في هذه الدنيا فإنهم إذا انتقلوا من الدنيا ينتقلون إلى دار النعيم وإلى الجنة ويسلمون مما يحصل لهم في الدنيا من النصب والتعب فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر كما قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.