للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٥ - وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعلمنَا الاستخارة فِي الْأُمُور كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن، يَقُول: إِذا هم أحدكُم بِالْأَمر فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة، ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم، فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر وَتعلم وَلَا أعلم، وَأَنت علام الغيوب، اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر خير لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي - أَو قَالَ عَاجل أَمْرِي، وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثمَّ بَارك لي فِيهِ، وَإِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر شَرّ لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي - أَو قَالَ عَاجل أَمْرِي - وآجله فاصرفه عني واصرفني عَنهُ واقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ ثمَّ ارضني بِهِ قَالَ: ويسمي حَاجته " رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ - عَن الشَّيْخ الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ البُخَارِيّ - وَعِنْده: " ثمَّ أرضني بِهِ " وَعند أبي دَاوُد، وَهُوَ رِوَايَة للْبُخَارِيّ: " ثمَّ رضِّني بِهِ ".

ثم ذكر ابن عبدالهادي رحمه الله هذا الحديث في ختام أحاديث صلاة التطوع وأورد فيه صلاة الاستخارة ودعاء الاستخارة بعد الصلاة فقال في هذا الحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن فكان يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة» يعني ما يجعل الفريضة هي التي يستخير بعدها لأنه قال من غير الفريضة ركعتين تطوع يأتي بهما تطوعا لله عز وجل ويدعوا بعدهما ولا تكون الاستخارة من الفريضة لأن الإنسان يحرص على أن يكون متطوعا بالصلوات لا يكون شأنه الاقتصار على الفرائض وأنه حتى الاستخارة لا يأتي بركعتين يتطوع فيهما لله عز وجل ويستخير بعدهما وإنما يكون فعله بعد الفرائض قال: «من غير الفريضة» يعني صلاة التطوع يطلق عليها صلاة الاستخارة أي من أجل الاستخارة فكان -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليدعوا» وهذا يدلنا على أن الدعاء يكون بعد الصلاة ثم يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك» يعني أطلب منك الخير وأطلب منك الخيرة لعلمك لأنك تعلم كل شيء وتعلم عواقب الأمور وتعلم ما فيه الخير في المستقبل وما فيه خلاف ذلك في المستقبل لأنه عالم بكل شيء عالم بما كان وما سيكون وما لم يكن أن لو كان كيف يكون مثل ما قال الله عز وجل عن الكفار: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) فالله علم أنهم لا يردون وعلم أنهم لو ردوا لحصل منهم العود فهو عالم بما كان وما سيكون وما لم يكن أن لو كان كيف يكون، «وأستقدرك بقدرتك» أطلب منك القدرة والإقدار على العمل الذي أريده والذي أرجوا أن أصل إليه لأن الله تعالى على كل شيء قدير وهو بكل شيء عليم فهو يستخيره بعلمه ويطلب منه ما فيه الخيرة له بعلمه لعلمه بكل شيء ويستقدره بقدرته بأن يقدره الله عز وجل على ذلك العمل الذي يريده وأن يهيئ ذلك الشيء الذي يريده، «وأسألك من فضلك العظيم» لأن كل شيء من الله هو من فضله سبحانه وتعالى ولا يكون عمل الإنسان أنه يستحق به الجزاء من المعاوضة وإنما هو فضل من الله عز وجل كما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه»، فالله عز وجل كل ما يحصل للإنسان من خير فهو بفضل الله عز وجل هو الذي تفضل عليه بأن أقدره على العمل الصالح وتفضل عليه بالعمل الصالح وتفضل عليه بالجزاء بعد هذا العمل الصالح، «فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم -أي هذا الأمر يعني في إقدامي على هذا الزواج أو إقدامي على هذه التجارة أو إقدامي على هذا العمل الذي يعين ويسميه- خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ورضني به وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه ويسر لي الخير حيث كان ثم رضني به» يعني هيئ لي الخير بعد ذلك مما تعلم أن فيه الخير لي ثم رضني به يعني يجعله رضيا بهذا الشيء الذي قدره الله عز وجل عليه أو قدره له من الخير فهذا دعاء الاستخارة الذي أرشد إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنه يؤتى به بعد ركعتين غير الفريضة لكنه لا يأتي بذلك في أوقات النهي وإنما يأتي به في غير أوقات النهي يأتي به في الضحى ويأتي به في الليل ويأتي به بعد المغرب ولكنه لا يتعمد أنه يأتي بصلاة الاستخارة في أوقات النهي لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس».

<<  <   >  >>